المقدمة:
إذا أردنا أن نذكر أبرز الكلمات المرتبطة بشهر رمضان، فرمضان هو شهر الصيام، القيام، وشهر القرآن. فلذلك نغتنم مدرسة رمضان وهذه الأجواء الإيمانية العظيمة في تحسين علاقتنا مع القرآن في رمضان وما بعد رمضان تلاوةً وحفظاً. فلذلك في هذا المقطع البسيط سأتكلم عن الجزئيتين: تلاوة القرآن وحفظ القرآن، فضلهما وأثرهما المباشر في حياتنا، وعن خطوات عملية للبدء والاستمرار عليهما.
تلاوة القرآن:
بدايةً ومع فضل القرآن وتلاوته والعمل به فلا يوجد أبلغ من أحاديث النبي ﷺ فلذلك سأقرأ بعض الأحاديث حول هذا الموضوع، والحديث الأول:
· فضل تلاوة القرآن:
عن عبد الله ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (الـم) حرفٌ، ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ
عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِي رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ… رواه مسلم
عن عائشة رضي اللَّه عنها قالَتْ: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُو ماهِرٌ بِهِ معَ السَّفَرةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالَّذِي يقرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُو عليهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْران. متفقٌ عَلَيْهِ
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ.
· أثر تلاوة وفهم القرآن علينا:
من الآثار الجميلة جداً على من يتلوا القرآن هو مسألة سهولة عمل الطاعات وصعوبة عمل المعاصي، يصل لهذه المرحلة، كيف لا وسبب صعوبة عمل الطاعات وسهولة عمل المعاصي على النفس هي قسوة القلب، والله عز وجل قال عن القرآن: ((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ)) فلذلك نحرص على حسن تلاوة القرآن لكي نغتنم هذه الفضائل العظيمة.
· الخطوة العملية:
وكخطوة عملية نتدرب عليها في رمضان ونسعى جاهدين للاستمرار عليها ما بعد رمضان هي تحديد وقت ثابت، وقت ثابت خاص بتلاوة القرآن وترتيله بتأني مع وجود كتاب تفسير أمامنا لكي نقرأ القرآن ونفهمه. أيضاً مهم جداً التذكير بحديث النبي ﷺ (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل). فلذلك نحرص على الاستمرار على ما دربنا عليه أنفسنا في رمضان ما بعد رمضان ولو بمدة أقل، ربع ساعة أو نصف ساعة، ولكن نستمر عليها وإن شاء الله مع الوقت يفتح الله علينا ونزيد في المدة والتركيز.
حفظ القرآن:
· فضل حفظ القرآن:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ، كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا).
عن عبد الله ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (الـم) حرفٌ، ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ
وفي حفظ القرآن لكي تحفظ صفحة واحدة ربما تعيدها ثلاثين مرة لتحفظها، فتخيل الأجر العظيم في قراءتك لهذه الصفحة لكي تحفظها!
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: يَجِيءُ صاحِبُ القُرآنِ يومَ القِيامةِ، فيقولُ القرآنُ: يارَبِّ حُلَّهُ، فيَلْبسُ تاجَ الكرامةِ، ثُم يقولُ: ياربِّ زِدْه، فيَلبسُ حُلَّةَ الكرامةِ، ثُم يقولُ: ياربِّ ارْضَ عَنه، فيَرضَى عنه، فيُقالُ لهُ: اقْرأْ، وارْقَ، ويُزادُ بِكُلِّ آيةٍ حسنةً
وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآنَ وتعلَّمه وعمِل به؛ أُلبِسَ والداه يومَ القيامةِ تاجًا من نورٍ، ضوؤه مثلُ ضوءِ الشمسِ، ويُكسَى والداه حُلَّتانِ لا تقوم لهما الدُّنيا، فيقولان: بمَ كسبْنا هذا؟ فيقال: بأخْذِ ولدِ كما القرآنَ
· أثر حفظ القرآن علينا:
من آثار حفظ القرآن المباشرة علينا هي تحسين جودة أدائنا لعباداتنا الأخرى، وبالأخص الصلاة، الذي يحفظ القرآن يجد متعة في تلاوة الآيات التي يحفظها في صلواته إذا كان إماماً، وإذا كان مأموماً يركز ويتابع مع تلاوة الإمام دون تشتت، وأيضاً حفظ القرآن يعين على قيام الليل ويسهله ويجعله ممتعاً وأسهلاً على النفس.
· الخطوة العملية:
وكخطوة عملية للبدء بحفظ القرآن – ومن المهم جداً البدء من اليوم، لا بل من الآن – الخطوة الأولى والمهمة جداً هي البحث عن محفظ للقرآن، الآن من الممكن نقول مع أنفسنا أنه لا نحتاج إلى محفظ وإلى حلقة وما شابه ولكن تأكد تمام أنك تحتاج، ومهم جداً أن يكون لك محفظ للقرآن وحلقة تلتزم بها إذا أردت أن تكمل هذا الطريق وتحفظ حفظاً متيناً، ابحث عن محفظ للقرآن في المسجد أو المركز المجاور لك وستجد إن شاء الله والأستاذ المحفظ يرشدك إلى الخطوات القادمة.
الآن إذا كان لا يوجد بأي شكل من الأشكال محفظ قريب منك تستطيع الذهاب إليه والحفظ عنده مع أني أستبعد هذا الخيار فيمكنك البحث على الإنترنت عن حلقات عن بعد لتحفيظ القرآن.
وبشكل عام من ناحية تفاصيل دقيقة في رحلة حفظ القرآن فعليك البحث والتعلم والمحاولة والخطأ والتعلم من أخطائك والمجاهدة والاستمرار إلى إن تصل بإذن الله تعالى. وأنصحكم بمتابعة برنامج وسام القرآن للشيخ فهد الكندري، فيه كثير من القصص والعبر المحفزة على تحسين علاقتنا مع القرآن وفيه أيضاً تفاصيل دقيقة حول كيفية حفظ القرآن والمراجعة وكثير من هذه التفاصيل.
الخاتمة:
وختاماً لو تفكّرنا أنه كثيراً ما نحاول أن نبتعد عن المشتتات، نستفيد من أوقاتنا، نترك العادات السيئة ونكتسب العادات الحسنة، فوالله انشغالنا بالقرآن سيعيننا على تحسين جميع جوانب حياتنا وتحسين أنفسنا، سيحل لنا الكثير من مشاكلنا، وسيرزقنا إن شاء الله طمأنينة ونشاط، والنفس بشكل عام إن لم نشغلها بالحق، شغلتنا بالباطل، الانشغال بالقرآن فقط سيحسن جميع جوانب حياتنا، ويرزقنا الله البركة والطمأنينة في هذه الحياة الدنيا ويوم القيامة إن شاء الله تعالى نكون بأفضل حال اذا أخلصنا النية وتقبل الله منا.