لما نسمع عن شخص حفظ القرآن كاملاً، نفرح لأجله ونرجو أنه يوماً ما نوصل لهذه المرحلة أيضاً. أو لما نسمع عن شخص قرأ آخر خمسة سنوات ما يزيد عن 50 كتاب، أيضاً نفرح لأجله ونرجو أنه يوماً ما نوصل إلى هذا المستوى. أيضاً نسمع عن شخص ناجح في مجال عمله ويقول إنه أحد أسباب وصوله إلى هذا المستوى مشاهدته لكثير من الدورات في مجاله دون انقطاع، أيضاً نفرح لأجله ونرجو أنه يوماً ما نوصل الى هذا المستوى من الاتقان والنجاح. والكثير من الأمثلة الي الإنسان يعجب كيف وصل أصحاب هذه الإنجازات إلى إنجازهم ويرجو يوماً ما أن يصل إلى مستواهم، طيب كيف ممكن نوصل الى هذا المستوى وكيف ممكن نحدد أننا نمشي بالاتجاه الصحيح للوصول الى ما نحب هذا ما سنتكلم عنه في هذا المقطع.
المقدمة:
من فترة نزلت منشور على الإنستغرام مفاده أنه إذا بدأت بالقراءة لمدة ربع ساعة يومياً من الآن، سوف تكون قد انهيت 10 كتب مع نهاية العام، وهذا بمجموع 100 كتاب بعد عشر سنوات. إذا بدأت بتخصيص 25 دقيقة في اليوم لتعلم مهارات جديدة، سوف تكون قد اتقنت خمس مهارات مع نهاية عام، وهذا 50 مهارة متقنة بعد عشر سنوات وهذا كم ومعرفة كبيرة سوف تساعدك توصلك في مجال عملك الى مرحلة عالية من الاحترافية.
بعد هذه المقدمة البسيطة نسأل هذا السؤال الذي سنجيب عنه بهذا المقطع إن شاء الله، أين أنت بعد خمس سنوات من الآن؟
أين أنت بعد خمس سنوات:
هذا السؤال هو سؤال كبير جداً بنفس الوقت إجابته بسيطة جداً، ولكن كبيرة جداً جداً، ما ستكون عليه أو ما ستصير إليه بعد خمس سنوات هو نتاج عاداتك اليومية الحالية. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تأكل وجبات سريعة كل فترة أو بشكل دوري لن تشعر بتغير أبداً بعد أكلك لهذه الوجبة البسيطة، ولكن إذا استمريت على هذه العادة الى فترة طويلة فستكون إنساناً غير نشط، بدين الجسد، لديك خمول كبير وما شابه. مثال آخر: إذا قمت بتحديد نصف ساعة يومياً لتعلم مهارة جديدة فأنت لن تشعر بأثر هذا الأمر بعد أول جلسة تدريب أو بعد انهاء أول دورة أو ما شابه، ولكن مع الوقت ومع تراكم أثر هذه العادة بعد خمس سنوات ستكون أتقنت خمسين مهارة تقريباً وهذا هو مجموع لكم معرفة وخبرة كبير جداً سيتيح لك فرص عمل كبيرة ودخل مادي عالي جداً. مثال آخر: إذا التزمت بعادة القراءة لمدة ربع ساعة يومياً فلن تشعر بفائدة بعد أول يوم أو أول كتاب تنهيه، ولكن مع الاستمرار على هذا المنوال بعد خمس سنوات ستكون انهيت ما يقارب الـ 60 كتاباً وهذا كم رهيب من المعرفة والخبرة التي ستساعدك خلال هذه الفترة على تطوير نفسك وحياتك وعملك وأمور دينك وستكون بمستوى رهيب مع هذه المعرفة. الأمثلة بهذا الخصوص لا تنتهي والسيناريوهات الإيجابية منها والغير إيجابية الي ممكن تتخيلها لا تعد ولا تحصى، يوجد أمثلة عن عادات كثير مثل الرياضة، تعلم اللغات، الحفاظ على الصحة النفسية وما شابه الي إن شاء الله إذا كان الأمر مناسب سأتكلم عنهم في مقاطع مختلفة، ولكن الآن ننتقل الى النقطة التالية.
تحليل بعض الأهداف وتصنيف العادات:
بشكل عام وبعد القليل من العصف الذهني تفكرت في مسألة العادات ووجدت أنها من الممكن أن تقسم الى قسمين:
· عادات ذات هدف:
العادات ذات الهدف وهي شيء مثل أنك تريد أن تكون حافظاً للقرآن، فانطلاقاً من الهدف تقول إني سأقوم بعادة يومية بشكل دائم وهي تخصيص نصف ساعة أو ساعة لحفظ وتثبيت ومراجعة القرآن. ويوجد أمثلة ثانية مثل تخفيف الوزن، الوصول لسرعة معينة في الكتابة على الحاسوب وما شابه.
· عادات ذات اتجاه:
العادات ذات الاتجاه هي أن تقوم بفعل العادة دون وجود هدف واضح وصريح، ولكن انطلاقاً من أن هذا الاتجاه سيوصلك الى نتائج ممتازة، وهذا مثل القراءة يومياً ولو شيء بسيط، تحديد نصف ساعة مثلاً لتعلم مهارات بشكل عام، الرياضة بأي نوع من أنواعها. فهذه العادات هي ذات اتجاه وليست ذات هدف واضح ممكن توصل له وتوقف، ولكن هذه العادات أيضاً المهمة، لأنه الحفاظ على صحة جيدة ليس بهدف واضح، ولكن مع الالتزام ببعض العادات تحافظ عليه بشكل دائم، أن تكون إنسان مثقف صاحب معرف ليس بهدف واضح، ولكن القراءة يومياً سيساعدك للتطور بهذا الاتجاه.
كيف لي أن أحسّن من عاداتي:
بإذن الله لاحقاً سأتكلم عن هذه النقطة باستفاضة بمقطع منفرد، ولكن وبشكل واضح بعد الكلام الذي تكلمنا عنه، يمكنك تحسين عاداتك عن طريق إما الانطلاق من هدف تريد الوصول إليه مثل حفظ القرآن، تعلم لغة، تعلم مهارة معينة، أو عن طريق اتجاه معروف أنه يساعد في تحسينك وتطويرك مثل الاستمرار على الرياضة للحفاظ على الصحة، القراءة لتطوير ثقافتك ومعرفتك، تعلم المهارات للاستمرار بتطوير نفسك.
النهاية:
ختاماً في بداية المقطع تكلمنا عن بعض الأمثلة الذي كنا نقول أننا نرجو يوماً ما أن نصل الى هذا المستوى، فلذلك بدل أن نقول أنه يوماً ما نرجو أن نصل، بدل من يوماً ما نقول اليوم الأول باتجاه هذا المستوى وهذا الهدف.
يوماً ما مقابل اليوم الأول!